لم اعد اهتم بالسؤال عمن حوالي..تفاجأني لا مبالاتي في كثير من الاحيان وتشعرني بأني شخص اخر غيري
منذ مدة طويلة وانا المح هبة ابنة عم صابر حارس بنايتنا وهي تصعد وتهبط درجات البناية تأتي بطلبات السكان واحيانا تساعد احداهن في تنظيف شقتها ولا مانع من الطهي قليلا كذلك..تفعل كل ذلك وتلك النظرة الحزينة تعتلي وجهها ولا تفارقها حتى وهي تأخذ اجرتها...كنت اعلم انها تزوجت العام الماضي ومع ذلك لم اهتم ان اسأل لماذا عادت للاقامة هنا
في ذلك الصباح عندما كان عم صابر يأتي لنا ببعض الاغراض سألته امي عن احوال هبة..قال لها وجهه الابيض محتقن بشدة من الحزن انها وضعت وليدا ميتا واصابها جراء ذلك شبه انهيار عصبي وانها تقضي بعض الوقت هنا لاراحة اعصابها بعيدا عن البلد
كانت هبة تقضي وقتها بين البكاء على طفلها المتوفي...وبين محاولة اثبات انه لايد لها في وفاته وان دمها ليس مسما
يقتل الاطفال كما اتهمتها حماتها...اغرقت هبة كل كوابيسها ومرارتها في العمل تعمدت ان تنسى البكاء لكي تقدر على الحياة..حصل كل ذلك وانا منغمسة في احوالي الشخصية..المح نظرة الحزن نعم.. ولكني لا اكلف نفسي عناء السؤال وربما التخفيف عنها قليلا كذلك
و يستمر معي مسلسل اللامبالاة معي..عندما ادرك اني لا اهتم بالسؤال عن صديقتي..تلك الصديقة الحامل والتي اعلم يقينا ان الحمل انهكها جسديا ونفسيا...لطالما كانت هشة
اريد حقا السؤال عنها ولكن دائما هناك شيئا ما يمنعني..القراءة او الكتابة او حضور المحاضرات واحيانا محاولاتي لفهم تلك المحاضرات...ولكنه غالبا ما يكون الحزن...يقولون ان كل ماتشعر به الام او تختبره ينتقل تلقائيا الى طفلها..اعلم بالتأكيد ان عدوى حزني ستنتقل اليها وبالتالي ستنتقل الى طفلها وهو الشئ الذي لا اريده...لا اريد له ان يشعر بالحزن...مازال الوقت مبكرا على اي حال..لا اريد له ذلك لاني احمل له مشاعر من نوع خاص..هو اول طفل يولد في مجموعتنا الصغيرة من الاصدقاء والتي تفرقت بفعل عوامل الزمن..هو اول طفل يولد نتاج لقصة حب حقيقة مكتملة النمو..لهذا يبدو ان الحزن الذي سيتسرب اليه بسبب مكالمتي يحتوي على بعض القسوة
هذا هو الحال... مع مروة وهيام وهبة الصموتة ابنة عم صابر..ورشا وسالي ونسرين واشرف وهبة وعمرو وشيماء
مؤخرا...اصبحت مصدر ازعاج لكثير من الناس..بسبب لامبالاتي بالطبع..يعتقدون اني لا اهتم..ويعتقدون اني مستهترة
حسنا..من صميم روحي اؤمن اني لست تلك الانسانة..لم اكن في يوم من الايام مستهترة او غير مبالاية..ولكن اليوم تسرب شبح الشك الى داخلي وهو يحاول اقناعي بأني كذلك...وبأن اتصرف على هذا الاساس..ذلك الصوت يقول بخبث شديد"اشمعنى انتي اللي تسألي على الناس"
عادة يكون الجواب حاضر وسريع وبسيط..اسأل عن الناس لاني احتاج الى الدفء البشري في كل يوم كما احتاج الى الهواء..اعلم اني لطالما ادعيت اني منطوية وافضل صحبة نفسي..ولكني اعلم تماما اني كنت كاذبة في ذلك
ولكني احيانا لا اعرف بماذا اجاوب اظل انظر الى السؤال في رأسي كطفل نسي فجأة جدول الضرب الذي استغرق في حفظه اسبوع بأكمله
اليوم انا هذا الطفل..ولا اعرف كيف اشفي نفسي