Thursday, November 27, 2008

لا مبالاة


لم اعد اهتم بالسؤال عمن حوالي..تفاجأني لا مبالاتي في كثير من الاحيان وتشعرني بأني شخص اخر غيري


منذ مدة طويلة وانا المح هبة ابنة عم صابر حارس بنايتنا وهي تصعد وتهبط درجات البناية تأتي بطلبات السكان واحيانا تساعد احداهن في تنظيف شقتها ولا مانع من الطهي قليلا كذلك..تفعل كل ذلك وتلك النظرة الحزينة تعتلي وجهها ولا تفارقها حتى وهي تأخذ اجرتها...كنت اعلم انها تزوجت العام الماضي ومع ذلك لم اهتم ان اسأل لماذا عادت للاقامة هنا
في ذلك الصباح عندما كان عم صابر يأتي لنا ببعض الاغراض سألته امي عن احوال هبة..قال لها وجهه الابيض محتقن بشدة من الحزن انها وضعت وليدا ميتا واصابها جراء ذلك شبه انهيار عصبي وانها تقضي بعض الوقت هنا لاراحة اعصابها بعيدا عن البلد

كانت هبة تقضي وقتها بين البكاء على طفلها المتوفي...وبين محاولة اثبات انه لايد لها في وفاته وان دمها ليس مسما

يقتل الاطفال كما اتهمتها حماتها...اغرقت هبة كل كوابيسها ومرارتها في العمل تعمدت ان تنسى البكاء لكي تقدر على الحياة..حصل كل ذلك وانا منغمسة في احوالي الشخصية..المح نظرة الحزن نعم.. ولكني لا اكلف نفسي عناء السؤال وربما التخفيف عنها قليلا كذلك


و يستمر معي مسلسل اللامبالاة معي..عندما ادرك اني لا اهتم بالسؤال عن صديقتي..تلك الصديقة الحامل والتي اعلم يقينا ان الحمل انهكها جسديا ونفسيا...لطالما كانت هشة
اريد حقا السؤال عنها ولكن دائما هناك شيئا ما يمنعني..القراءة او الكتابة او حضور المحاضرات واحيانا محاولاتي لفهم تلك المحاضرات...ولكنه غالبا ما يكون الحزن...يقولون ان كل ماتشعر به الام او تختبره ينتقل تلقائيا الى طفلها..اعلم بالتأكيد ان عدوى حزني ستنتقل اليها وبالتالي ستنتقل الى طفلها وهو الشئ الذي لا اريده...لا اريد له ان يشعر بالحزن...مازال الوقت مبكرا على اي حال..لا اريد له ذلك لاني احمل له مشاعر من نوع خاص..هو اول طفل يولد في مجموعتنا الصغيرة من الاصدقاء والتي تفرقت بفعل عوامل الزمن..هو اول طفل يولد نتاج لقصة حب حقيقة مكتملة النمو..لهذا يبدو ان الحزن الذي سيتسرب اليه بسبب مكالمتي يحتوي على بعض القسوة


هذا هو الحال... مع مروة وهيام وهبة الصموتة ابنة عم صابر..ورشا وسالي ونسرين واشرف وهبة وعمرو وشيماء


مؤخرا...اصبحت مصدر ازعاج لكثير من الناس..بسبب لامبالاتي بالطبع..يعتقدون اني لا اهتم..ويعتقدون اني مستهترة
حسنا..من صميم روحي اؤمن اني لست تلك الانسانة..لم اكن في يوم من الايام مستهترة او غير مبالاية..ولكن اليوم تسرب شبح الشك الى داخلي وهو يحاول اقناعي بأني كذلك...وبأن اتصرف على هذا الاساس..ذلك الصوت يقول بخبث شديد"اشمعنى انتي اللي تسألي على الناس"


عادة يكون الجواب حاضر وسريع وبسيط..اسأل عن الناس لاني احتاج الى الدفء البشري في كل يوم كما احتاج الى الهواء..اعلم اني لطالما ادعيت اني منطوية وافضل صحبة نفسي..ولكني اعلم تماما اني كنت كاذبة في ذلك


ولكني احيانا لا اعرف بماذا اجاوب اظل انظر الى السؤال في رأسي كطفل نسي فجأة جدول الضرب الذي استغرق في حفظه اسبوع بأكمله


اليوم انا هذا الطفل..ولا اعرف كيف اشفي نفسي



Wednesday, November 19, 2008

فيلم سخيف..وشيكولاتة


يعرض على الشاشة فيلم كئيب يحكي عن نهر للحب...وامرأة اكتشفت الحب فجأة مع رجل غريب عنها تمام...أتابع بغير اهتمام..اهتم اكثر بالشجار الكبير الذي احدثه الشباب الذين يقفون تحت بيتنا..لكن الشجار ينتهي للاسف قبل ان يبدأ..بعض الذين يحبون ان "يهدوا النفوس" انهوه


اعود مضطرة لمتابعة الفيلم الكئيب...عرفت الان انها متزوجة..وقعت في حيرة من امري..لا اعرف الان ان كان علي ان اتبنى افكار على غرار" الحب جنون"..و"الحب لايعرف المستحيل"..ام اذهب مع افكار مثل: الست ملهاش الا بيتها وجوزها...او..دي تستاهل حش رقبتها


لحسن الحظ لم تستمر حيرتي طويلا انهتها انا كارنينا او السيدة فاتن بانهاء حياتها تحت عجلات القطار وهي نهاية متوقعة لمعضلة معقدة كتلك...احمد الله كثيرا اني لم اكن اتابع باهتمام والا لانفجرت في نوبة بكاء طويلة...لم اعد احتمل هذه الاشياء


بالنسبة لي..افضل النهايات السعيدة..افضل ان ينتهي الفيلم بقبلة حارة بين البطل والبطلة...وان تكتب كلمة النهاية على خلفية من الالحان السعيدة... وان يتزوج البطل البطلة وينجبوا الكثير من الاطفال..لم اعد احتمل تعقيدات الحب التي تتفنن السينما في الكلام عنها...اعتقد اني اصبحت مسنة جدا على هذه الاشياء


لم اعد اقوى على متابعة قصص الحب العنيفة...تلك التي تحتوي على الكثير من الدموع والفراق والقتل احيانا..لم اعد اتحمل فكرة ان يحب احد ما ولا يستطيع الوصول لمن يحبه بسبب اشياء اقل مايقال عنها سخيفة ومبتذلة...على كل حال هي مشكلتهم لا مشكلتي


اليوم...اكبر مشاكلي هي..هناكل ايه النهاردة...او عايزين نخرج..طب هنروح فين؟


ربما بسبب ندرة المشاكل الجدية عندي...اغرق في مشاكل اصدقائي..اتعمق فيها..اتبناها..ابحث لمشاكل معقدة وغير منطقية على حلول بسيطة ومنطقية...بالطبع افرح عندما اصل لحل ما ولكن يتضح في النهاية انه ساذج جدا
احب حقا ان اغرق في مشاكل الاخرين...المشاكل العاطفية..والنفسية احيانا....ويبدو ان وجهي يوحي للاخرين بالراحة او بالاطمئنان فينطلقون في الحديث معي.. مع اني اعلم تماما اني اخر مخلوق على هذا الكوكب قادر على ان يحل مشكلة ما لاي احد..كل ماأقدر على فعله في تلك اللحظات هو البكاء مع من يبكون...كل ما استطيع فعله هو شراء بعض الشيكولاتة او الذهاب الى سينما تعرض فيلم كوميدي بصحبتهم...لابد ان يكون سخيف كذلك ولايحتوي على اي قضية تستحق التفكير او النقاش..ضحك وبس..لامانع كذلك من بعض الهرتلة


لا احب ان افكر بنفسي على اني حلالة المشاكل...هذا يعطيني طابع العالمة ببواطن الامور..المطلعة على الحياة..التي تعرف ماذا تقول ومتى تقوله...في الحقيقة انا ابعد مايكون عن تلك الانسانة..في الحقيقة مازلت تائهة ابحث عن درب اسكله لايحتوي على الكثير من المطبات الصناعية..ولايحتوي على ذلك الشئ الذي يفجر الدموع في العيون


فقط ان كنت تعاني من مشكلة ما استطيع ان اصحبك الى فيلم كوميدي سخيف لاتنتحر البطلة في نهايته بسبب تعقيدات الحب..فكما قلت لقد اصبحت مسنة على هذه الاشياء..وان لم يفلح ذلك استطيع دوما ان اشتري لك كمية محترمة من الشيكولاتة بالبندق
:)

Saturday, November 15, 2008

كل الرضا


ويقولوا مايقولوا...قلبي فرد طوله
مراسي وسفاين
انا راضية وبحاول ارضى اكتر واكتر



:)واخيرا...حبة رضا صغيرين... بس حلوين

Tuesday, November 11, 2008

صانع الاحلام


تفكر في ان صانع الاحلام في اجازة..وربما هي اجازة مفتوحة...ومن الممكن ان يكون صانع الاحلام الذي تعرفه قد مات وجاء واحد اخر لا يستوعب حاجتها الماسة الى الاحلام...تفتقد احلامها كثيرا..ويبدو ان الكوابيس عرفت الطريق اليها


تفكر في ان صانع الاحلام الجديد هذا لايعرفها جيدا..ولايعرف كم هي انسانة طيبة وعطوفة..ربما كانت متسرعة قليلا وربما كانت عصبية قليلا..وربما كانت سليطة اللسان احيانا..ولكنها تجزم انها طيبة وحنونة وعطوفة...يمكن لقلبها ان يحمل الكثير من الاحزان دون ان يشكو لاحد..ويمكن كذلك ان يحمل الكثير والكثير من السعادة والالحان والالوان وينثر على الجميع نفحة من هذه السعادة...تفكر في انها انسانة طيبة ولا تستحق ان تجهز الكوابيس على الباقي منها بهذه الطريقة


تقرر انها ستتعرف على صانع الاحلام الجديد..ستذهب اليه بسلة ملئية بالورد الابيض والزهري..ستأخذ اليه لحنا من الحانها المفضلة...ستخبز له كعكة شيكولاتة كبيرة... وربما شيئا عزيز عليها كذلك لتثبت له انها تستحق بعض الاحلام الجيدة بين الحين والاخر...تريده ان يعرف انها تحتاج الى الاحلام الجيدة...حلمين في الاسبوع على الاقل..تريد ان تتحلى ببعض القوة لمواجهة اشباح الليل واطياف النهار...تريد ان تكون سعيدة لمواجهة ذلك الكيان الذي يتربص بها كلما اوشكت على البكاء


تقرر انها ستذهب لمقابلته مهما كان الطريق اليه مظلما او مملا اوطويلا...يقولون ان الطريق اليه صعب..ولكنها لاتبالي بالصعاب..ويقولون ان الطريق مليئ بالاحزان والاشباح..فليكن هي تواجه منهم كل يوم مايكفي لعدم اصابتها بالخوف او بالدهشة...تدعو الله وهي في الطريق ان لاتقابل قلبا مكسورا فهي لن تحتمل هذا..ولا ان تقابل شيئا يذكرها به فهي لن تحتمل هذا ايضا


في الطريق يتسرب منها الدفء بالتدريج..ترتعش روحها من البرد ومن الخوف..تدمع عيناها..تلمح ذلك الكيان الذي يتربص بها...تزورها الكوابيس حتى وهي مستيقظة..ولكنها تواصل الرحلة


تدرك انها لم تحتاج يوما للاحلام السعيدة كما تحتاجها الان في هذه اللحظة...وتفكر في ان هذه الرحلة ربما كانت فوق طاقتها وان كوابيسها التي تعرفها وتألفها جيدا افضل بكثير من كل تلك الاشباح التي تحوم حولها الان...تفكر للحظات في التخلي عن حقها في الاحلام السعيدة ولكنها تتخيل حياتها بدونها...كيف ستعيش..كيف ستأمل في غد اجمل بدونها....لا..هي تحتاج الى تلك الاحلام اكثر من قبل الان وستكمل رحلتها لترجو صانع الاحلام الجديد لكي يعيد احلامها اليها


ولكن ذلك الثقل في روحها يمنعها..يجعلها تشعر ان التنفس فعل بطولي..وان الحياة تسرق منها..ذلك الكيان اللزج يخرج لها لسانه ويتحداها ان تكمل والا فلتستسلم له..ذلك الشئ الشرير يحاول ان يملئ عالمها بالظلام...الظلام يزحف عليها ببطئ..لاشئ غير الظلام...ظلام...ظلام شديد

عرفت بعد ذلك انها عندما وصلت الى بيت صانع الاحلام اخيرا لم يكن شيئا قد تغير..كان كل شئ على حاله...مازال صانع الاحلام كما هو..مازال يلبس تلك النظارات الغليظة لكي يستطيع الرؤية جيدا ولكي لا يخلط بين الاحلام ويرسل حلم شخص لشخص اخر ..مازل بيته تفوح منه رائحة الاحلام السعيدة...مازالت ازهار الياسمين هناك في حديقته...ومازال ذلك النهر يجري بجانب بيته..لم يتغير شئ
تتذكر كل ذلك..نعم...ولكنها لا تعرف انه قال لها ان مخزون احلامها انتهى لهذا لم تعد تحلم ولهذا عرفت الكوابيس الطريق اليها...لا تتذكر انه قال لها ان احلامها انتهت وانه لايحق لها ان تتوقع المزيد من الاحلام بعد الان...لاتتذكر انه قال لها ان مخزون كوابيسها ممتلئ الى اخره اخبرها ان تتوقع الكوابيس..والكوابيس فقط من الان فصاعدا

تتذكر اي شئ من ذلك..فقط عندما تلمح زهرة بيضاء..او تسمع لحن من الحانها القديمة..او ترى صورة من صوره..تشعر ان هناك شئ سرق منها ولا تدري ما هو

Monday, November 3, 2008

بعض القسوة مفيدة احيانا


فيما مضى كنت اعرف فتاة كانت تعتبر ان كل صباح هو بداية محتملة لقصة حب رائعة وسحرية وغير متوقعة


كانت تستيقظ مبكرة وترتدي افضل ما لديها من ملابس وترسم ابتسامة عريضة على وجهها وتضع في قلبها الكبير الكثير من السعادة والامل


لم تكن هذه الفتاة جميلة جدا ولا ذكية بما فيه الكفاية..وبالطبع لم تكن قد احبت من قبل....كانت فتاة عادية تخلو من اي شئ استثنائي..تفعل كما يفعل كل الناس..تركب الميكروباص في طريقها الى العمل ككل الناس...تتشاجر بسبب باقي الجنيه الذي يقسم السائق انه رده في حين انه لم يفعل...تأكل اللحم مرة في الشهر ومنتهى سعادتها عندما تساعدها الاقدار وتذهب الى السينما في العيد


كانت تمر بكل هذا وهي سعيدة ومبتسمة ومتفائلة...بسبب قناعتها التامة ان كل صباح هو بداية محتملة لقصة حب رائعة وسحرية وغير متوقعة


اليوم....وفي هذه اللحظة بالذات تعيش هذه الفتاة في عزبة الهجانة في شقة تتكون من غرفة وصالة تحيطها العن مجموعة يمكن تخيلها من الاطفال ...تنتظر بصبر اوشك ان ينفذ وصول زوجها سائق الميكروباص من عمله والذي يضربها كل يوم بسبب وبدون سبب على سبيل الرياضة


تفكر من خلال صخب اطفالها ان ذلك الصباح الذي كان من المفترض ان يكون بداية محتملة لقصة حب رائعة وسحرية وغير متوقعة..قد مر عليها عندما لم تستيقظ في ذلك اليوم الذي مرضت فيه ولم تستطع النهوش في الصباح الباكر...ربما اتى الحب ليبحث عنها ولم يجدها فقرر انها غير جديرة به


مقتنعة هي تماما ان الحياة تعاقبها على اضاعتها ذلك الصباح السحري...ولانها مقتنعة ايضا بمبدأ الثواب والعقاب فهي تتحمل ذلك العقاب برحابة صدر تحسد عليها...وتردد دائما وهي تضرب اطفالها بشبشب الحمام البلاستيك...ان بعض القسوة مفيدة احيانا


فقط عندما يمر عليها احد تلك الصباحات تتذكر قصة حبها التي لم تكن..ولكنها تفيق سريعا على قبضة زوجها وهي ترتطم بوجهها