Tuesday, June 24, 2008

عن عبد الهادي وابلة فضيلة واشياء اخرى


احب دائما ان احتفظ بذكرياتي السعيدة في مكان قريب...فلا شئ يشبهني وانا اتخبط في الحزن وابحث عن شئ سعيد يعطيني القليل من الطاقة لمواجته...ولاشئ يعطيني تلك الطاقة الا ذكرياتي السعيدة..وذكرياتي السعيدة جدا :)


لم يكن عبد الهادي يمتلك الكثير من الطاقة لمجراتي في الوقوف على الكرسي ثم على الطاولة ثم القفز من فوقها..ومن ثم اعادة الكرة لعدد لايحصى من المرات..كم كان يبدو جميلا وظريفا حين تتورد وجنتاه ويغمره العرق ويصيح من قلبه بيكفي تعبت..ولكني كنت طفلة شريرة ولم اكن لاتوقف قبل ان تدخل ابلة فاطمة مرة اخرى لمزيد من حصص الرسم والغناء واللعب بالمكعبات
عبد الهادي زميل الطفولة وصف الحضانة والذي كنت ارى ان من سماه بهذا الاسم الكبير قد جنى عليه لبقية حياته..فلم يكن اسمه تامر او هيثم او كريم كبقية الاولاد في الصف..وكنت اطلق الكثير من النكات عليه الى ان صرنا اصدقاء لاني قررت انه يبدو ظريفا في القميص الابيض والبنطلون الكحلي


في شهور الصيف التي كنت اقضيها في مصر عندما كان سني لايتعدى الثماني سنوات كنت استيقظ صباحا ويوميا على صوت ابلة فضيلة وهي تحكي حكايات لااتذكرها جيدا...ولكني اتذكر صوتها المطمئن..كنت اسمعه فأعرف انه سيكون يوما جيدا..كانت عمتي تتعمد ان تفتح الراديو كل صباح على صوت ابلة فضيلة لكي تيقظني من نومي..افتح عيناي على الغرفة واشعة الشمس تغمرها..وادرك ان الصباح اتى ومعه تأتي ابلة فضيلة وكوب الشاي باللبن الذي ادمنته بسبب ابي وجدتي وعمتي..تصرخ جدتي من المطبخ وهي تعد الشاي في عمتي لكي تحول الراديو الى اذاعة القران الكريم..واصر انا على ابلة فضيلة ولا يتم التحويل على اذاعة القران الكريم الا عندما تنتهي ابلة فضيلة من حكايتها..ومن ثم انتهي انا من كوب الشاي..فلم اكن كبقية الاطفال الابرياء اشرب الحليب..بل اشرب الشاي كالكبار..فيما يبدو اني كنت استعجل النضوج


لا ادري ما الذي يجعل اللون الاحمر يبدو بهذه الروعة مع الاسود...لعل هذه الروعة هي مادفعتني للبحث عن ذلك الحذاء الاحمر الذي حلمت اني ارتديه في ومعه حقيبة من نفس لونه مع طقم اسود بالكامل مع حجاب احمر في اسود...قبل هذا الحلم الغريب لم اكن اجرؤ على ارتداء اللون الاحمر ابدا حتى وان كان نقطة صغيرة على تنورة او حقيبة...وتذكرت كم كنت احب هذا اللون وانا طفلة..وكيف ان كل اشيائي كانت تحمل لمحة منه....ولعل هذا هو السبب الذي دفعني للبحث عن هذا الحذاء لمدة يوم كامل من الساعة الحادية عشر صباحا وحتى العاشرة مساء..اعترف اني مهووسة قليلا فيما يخص الاحذية..ولكني بالتأكيد لست خطرا على المجتمع ..تعبت انا..وتعبت مروة معي ومازلت لم اجد الحذاء الذي رايته في حلمي...ولكن ذكرى ذلك اليوم لاتفارقني


لايضاهي هوسي بالاحذية الا هوسي بالشيكولاتة ولايكون بحثي عن الاحذية اهم من بحثي عن الشيكولاتة...في ذلك اليوم اخبرتني نادين عن نوع جديد من الشيكولاتة تدخل في مكوناته القهوة بنسبة 46% تقريبا ان لم تخني الذاكرة...زغلل ذلك الخبر عيني ان جاز لي التعبير..صرت ابحث عن تلك الشيكولاتة الرائعة في كل محل وكشك صحف اقابله..وفي كل مرة كنت اقابل بنظرات الاستغراب من الباعة وكأني اطلب لبن العصفور..او نملة عمياء...ظللت ابحث عن هذه الشيكولاتة لمدة طويلة جدا ومازلت لا اجدها وكنتيجة لذلك اصبحت صورتي الاجتماعية في وضع لاتحسد عليه بعد ان وعدت شيماء ونسرين وعمرو بشيكولاتة جديدة وطعم رائع يطير العقول...ولكني في رحلة البحث وجدت الالأف الانواع الرديئة التي لا انصح احد بها مهما كانت كراهيتي له..وبهذا لم تكن رحلة البحث فاشلة تماما


في عيادة طبيب التغذية المشرف على نظامي الغذائي اجلس في الانتظار واقرأ عتبات البهجة...اقرأ بكل جدية..لانه الجزء الذي يخون فيه احمد دنيا مع صديقتها فادية امام عينها..اقرأ بكل تحفز ولكن لا اتعاطف مع اي منهم لاني ببساطة كنت ارى انهم جميعا شلة من المنحرفين..ولكن عيناي دمعت حقا في الجزء الذي انتحرت فيه دنيا مع اني كنت ارى انها مخطئة على طول الخط..ولكن ذلك لم يمنعني من الحزن عليها وعلى حياتها التي كانت ترفضها...وكيف ان علاقتها مع احمد كانت شكل من اشكال الاعتراض على هذه الحياة...اضحك على دعابات احمد وحسن رغما عني..وتدمع عيناي لموت دنيا كل ذلك كان كفيل بأن يلفت نظر الناس الي في حجرة الانتظار...ونظر تلك السيدة بالذات..تبدو صارمة..تبدو قاسية..تبدو سمجة..فجأة ابتسمت وقالت لي...وصلتي للجزء الي دنيا انتحرت فيه مش كدة؟
اهز رأسي ان نعم..وافكر اني اريد ان استأصل من عقلي ذلك الجزء الذي يجعلنا نحكم على الاشخاص من مظهرهم فقط..صارت مدام عزة من اصدقائي القلائل في العيادة


في ذلك اليوم من شهر ابريل على ما اتذكر...انتهت محاضرة الضرائب مبكرة جدا على غير العادة بدون خسائر في الارواح لحسن الحظ...كان موعدي في الكوربة في تمام السادسة مساء...انتظرت كثيرا جدا..انا التي اكره الانتظار ولا اطيقه ولا يصبرني على الانتظار في عيادة الطبيب الا صديقاتي المريضات..ولكني انتظرت على كل حال فلو كان احد اخر لكنت ذهبت منذ زمن..والسبب الاخر اني كنت اريد ان اربح رهاني بخصوص حلواني قويدر..كنت اريد ان افوز بايس كريم على حساب صاحب المحل..وقد فعلت....ولكني تنازلت عن مكسبي لا ادري لماذا...تمشينا الى تلك الكنسية التي لا اعرف اسمها..وجلسنا على محطة المترو الوحيدة التي احتفظت بكراسيها بعد عملية تجديد الرصيف...وتكلمنا في اشياء..لا اذكر الاشياء بقدر ما اذكر الصوت وحركات اليد والضحكات التي ارجو انها كانت من القلب..تجنبت بالطبع نظرات العين لاني كنت اخاف مواجهتها...وكنت اخاف ان لا تكون مثل اول مرة...وكنت اخاف ان لا تكون موجودة من الاساس..كان يوما رائعا اعترف بذلك..ولهذا سوف احتفظ به دائما معي..بغض النظر عما حدث بعده بفترة بسيطة


عندما يعاني احد من اصدقائي من ازمة نفسية او مزاجية..اي مشكلة..احب ان اتحدث اليهم حتى وان كنت لا املك حل لها..لكن مجرد الحديث يشعرني اني ساعدت بطريقة ما...في تلك الليلة تحدثت مع صديقة في مشكلة تواجهها كان رايي انها لايجب ان تفكر مثل هذا التفكير..كان رايي انها مهمة عندي وعند مجموعة كبيرة من الناس..هي مهمة ومحبوبة وغيابها مؤثر..هي انسانة جميلة رغم كل شئ..جميلة من الداخل ومن الخارج...ولكن رغم اني تحدثت معها مطولا الا اني احسست اني لم ابذل كل جهدي باقناعها بأهميتها..فبعض المشاكل لاتحتاج الى كلام كثير... فقط تحتاج الى حضن كبير والى علبة من الايس كريم ذو الحجم العائلي وملعقتين والى فيلم كوميدي ابيض واسود


حلم بسيط يراودني بين الفترة والاخرى ولم اتوصل بعد الى تفسيره...كوب من الشيكولاتة الساخنة...كوب عملاق يصل حجمه الى حجم دولاب ملابسي تقريبا..احلم به احيانا مبتسما واحيانا حانق واحياانا حزين...اخبر ايمان به..فتسألني امتى اخر مرة شربتي كاكاو..فأقول لها ان الطبيب يمنعني من الكاكاو بالطبع...تصرخ في بكل قوتها..غلط يابنتي غلط...الكاكاو ده دوا للنفس العليلة..ومن الواضح جدا ان نفسك عليلة...من يومها صرت اشرب كوب من الشيكولاتة الساخنة تقريبا كل ليلة..ولا اواجه نظرات طبيبي عند قياس الوزن لكي لا اعترف بما افعل


اظن ان من يعرفونني جيدا..ويعرفون حالاتي يعتقدون حتما اني مجنونة او معتوهة على اقل تقدير..ولكني اقسم اني لست كذلك...انا فقط اعاني احيانا من حالة انحراف حاد في المزاج..او حزن..او قلق..او اكتئاب..او خيبة امل..او اختناق..او ملل..او حنين..او ندم...ولكني اعود لحالتي الطبيعية بسرعة احسد نفسي عليها كثيرا...احزن او اقلق او اكتئب فأتذكر كلام شخص ما عن الكأس الممتلئ الى النصف..فأنسى سريعا النصف الفارغ..واتذكر كلام شخص اخر بأني انا من ازيد وهج الامل او اطفئه الى الابد..فأسرع الى التحلي بالمزيد منه لكي لا ينطفئ..اتذكر ان الله رحمن رحيم..اتذكر كلام شيماء ان ربنا حنين قوي...وهذا مايبقيني متشبثة ان اجد سعادتي فيما حصل وفيما سيحصل..ويساعدني على نسيان ما يجب نسيانه...اتذكر جميع من احبوني وجميع من احببتهم لا لغرض معين ولا لمصلحة ولكن لاني احببتهم ببساطة وبدون اسباب...فتعود الي السكينة...وتعود لي الفرحة كأني مازلت طفلة تستمع الى ابلة فضيلة بكل شغف
........................................................
تعديل بسيط قوي
اتضح انه لسوء ظروف التخزين اني نسيت للاسف الشديد امتى كانت مواعيد ابلة فضيلة بالضبط...وبسبب اني كنت بنت ال 8 سنين من زمااااااان قوي..افتكرت انها كانت بتيجي كل يوم...هي الصراحة كانت بتيجي كل جمعة بس
وبسؤال عمتو عن الواقعة دي افادت انها كانت بتفتح الراديو على برنامج اطفال تاني لمتعتها هي الشخصية...ولا انا ولا هي فاكرين ايه هو البرنامج

Thursday, June 19, 2008

طق حنك3


سوف ابكي..مرة واحدة في الاسبوع لمدة ساعتين ونصف...هكذا لن يبقى عندي دموع عندما ارى شيئا يستحق البكاء فعلا..لن يظن احد اني اهوى البكاء او الشكوى من لاشيئ


سوف ابكي الان...لمدة نصف ساعة فقط...فقد ذهبت جميع الذكريات الحزينة لتنام وتركتني وحيدة ولا استطيع البكاء الا في حضورها


سوف ابكي وانا وحيدة ولن اسمح لاحد ان يرى هذه الدمعات..ولا ان يسمع ما اقوله وانا في حالة البكاء


سوف ابكي من القلب عل البكاء يكون بديلا للضحك الذي لا يخرج من القلب...في الحقيقة لاشئ في القلب

سأشاهد ذلك الفيلم الحزين...واسمع تلك الاغنية المؤلمة...واقرأ رواية لا تعج بالفراشات والازهار الملونة ولا يتزوج البطل البطلة في النهاية
سأنتظر وانتظر وانتظر....ولا احد يأتي ولا شيئ يتغير...لا البكاء سيتغير ولا الضحك سيخرج من القلب ولا القلب سيتوقف عن احتواء الاحزان بكل شهامة


وانا كل ما اقول التوبة يابويا ترميني المقادير


تترد تلك الجملة في ذهني يوميا بكل سماجة...بكل انتظام...تخطر على بالي كلما خطر هو على بالي...ولماذا يخطر هو على بالي من الاصل...ربما كنت في احتياج الى ان اتوب عن هذا الفعل..اعرف ان منير كان مخطئ حينما قال حبك مش ذنوب..ربما كان الحب خطيئة ونحن لا ندري..و ربما كان كذبة كبيرة ونحن لاندري


حقا لادري ماهي الحقيقة


الحقيقة...دائما مرعبة..او مريعة او هي فقط لا تحتمل ولكنها في النهاية الحقيقة..كالدواء المر الذي يأبي الطفل ان يستسيغه ولكنه الوحيد القادر على شفائه


الحقيقة...؟ الحقيقة هي ان الحياة اكتسبت معنى جديد..ولكني تلك الفتاة التي جاءت متأخرة عن الحفل فلم يرها الامير ولم يقع في حبها...الحقيقة انني تلك الفتاة التي لم تنسى حذائها الزجاجي على درجات القصر ليجدها الامير ويتزوجها...الحقيقة انه دور لفتاة اخرى..انا فقط اشاهد من بعيد..ابكي احيانا وابتسم احيانا..وفي النهاية اظل متفرجة


في النهاية مازلت لادري لماذا تسرق النهايات السعيدة منا بهذه القسوة؟




Wednesday, June 4, 2008

طق حنك 2


يبدو ان الليالي القادمة ستكون مشرقة كهذه الليلة.


..انتهى معسكر التعذيب..وانتهت الكوابيس التي كانت تنتهي دائما بأن الوقت لايكفي..دائما لايكفي...من لم يربيه اباه وامه تربيه الايام والليالي..والمحاسبة الايام...والادارة الليالي...تذكرت تلك الكلمة التي قالوها لنا في بداية دخول الكلية وانا اسلم اخر ورقة اجابة للمراقب الذي كان يبدو بشوشا على غير العادة...يقول لي بابتسامة عريضة نشوفك السنة الجاية ان شاء الله..ابتسم له بدوري واقول في سري...في المشمش..انا خلاص براءة


حسنا...كنت اقول ان الليلة مشرقة..كما ستكون كل الليالي القادمة-كما اتمنى-وان الغد يحمل الف الف احتمال...والف الف بشرى..والف الف مفاجأة....في الحقيقة لا اعرف كيف تكون الليالي مشرقة..هل تتسرب اليها رائحة الياسمين من زجاجة عطر قديمة فتشرق...ام عندما تشعر ان روحك خفيفة كريشة بيضاء...ام عندما تستمع الى نغمة ما وتخطو الى قلبك بكل سلاسة ولا تستطيع ان تبعدها عن تفكيرك...ام عندما تتسلم رسالة تقول لك ان شيئا ما مازال موجودا ولم يخفت كما كنت تظن


كم اتمنى ان تكون الليالي القادمة مشرقة كهذه اللية


في ذلك اليوم فاجأني منير بطعم البيوت...كانت مفاجأة اكثر من سارة...من البداية اسرتني لو كان لزما عليا الرحيل كارهك ياوداع...ولابديل..والمستحيل اني امسح دمعة..مستحيل اخبي لوعة..طب ليه تغيب عني ولايوم تطمني ده انا لما اكون جنبك يطلع نهار

اسرتني الكلمات واللحن وطريقة الاداء..واضفت لونا جديد على اليوم...لونا رائع ان تحرينا الدقة


كم اتمنى لو ان لون الايام يظل رائعا


اول محطة بعد اطلاق السراح كانت وسط البلد...كل من يعرفني جيدا يعرف اني لا اطيق وسط البلد...ويدهشني اولئك الذين يكنون عشقا خاصا لها...ولكن انا..علاقتي بوسط البلد علاقة غريبة..لا اطيقها حقا ولكني لا استطيع مقاومة اغراء من يدعوني للذهاب اليها...لا استطيع مقاومة اغراء ان اتمشى في شارع وادخل في شارع اخر..ليتلقفني شارع ثالث..وينتهي بي الامر لنفس الشارع الاول...المتاهة...اعشق متاهات وسط البلد العسيرة على فهمي المتواضع


كم اتمنى لو كنت اطيق وسط البلد قليلا


في النهاية يسعدني حقا ان معسكر التعذيب انتهي وان نسائم الحرية بدأت تفقد قليلا من خجلها...وتأتي لزيارتي...يسعدني اني لم انسى ماهو الضحك بعد...يسعدني طعم البيوت الذي ارى ان وقتنا هذا كان انسب وقت لنزوله بالفعل...تسعدني الليالي المشرقة


ويقلقني الترقب...ولكني لن ابالي به الان


...................................................................


يالون ربيع وردي...الحزن مش قصدي

ده انا فرحي شوف قدي..طارح نهار