Thursday, February 21, 2008

ليلة ما


مقهى نجيب محفوظ في حي الحسين
الثامنة والنص مساء


جو من الحميمية الشديدة يغلف المكان...ودخان معسل التفاح والعنب متجمد في هواء المقهى كأنه سحب صغيرة...ومجموعة من الناس المختلفين اتفقوا على امضاء الامسية في رواية لنجيب محفوظ...والدفء يتسلل الى ارواحنا ويجعلنا نحلم بعوالم اخرى ....وكلما ازدادت البرودة في الخارج..ازددنا دفئا


يأتي الصوت النشاز-لكن المحبب- لعازف القانون وهو يتغنى باغنية ما لام كلثوم..يغريني صوته بأن اضع ساقي تحتي وارمي برأسي على كتف من يجلس بجانبي واستغرق في نوم عميق بلا احلام ولكن تتخلله اغنية لأم كلثوم...واتذكر اني كنت احسبها رجل وانا صغيرة لقوة صوتها


مقهى لنجيب محفوظ...اعجبتني الفكرة ربما لاني معجبة بنجيب محفوظ وربما لان المقهى قطعة من حارة نجيب محفوظ التي اعشقها وربما لان فكرة ان تدب الحياة في رواية له استهوتني
تملئ صوره المكان..وتتناثر رواياته على كل رف وكل طاولة وهي بالتأكيد ليست ديكور فارغ ولكنها روح المكان فتبدو الروايات في ايدي رواد المقهى اجمل من اي وقت مضى


وصل السحلب الذي طلبته اخيرا..لم تكن اول مرة لي في شرب السحلب ولكنها كانت المرة الاولى التي اشرب شيئا يتسرب الى الروح بتلك السهولة...يبعث فيها الدفء ويذكرها بأشياء كانت قد نسيتها او تناستها منذ زمن
انضم عازف الرق بصمت لعازف القانون-قانونجي كما يطلق عليه ابي-وبدخلوه الى النوتة استطعت ان اميز ان الاغنية هي حيرت قلبي معاك...


سرعان ما تشغل جميع الطاولات في المقهى...روادها خليط عجيب من البشر منهم مصريين..خليجين...وغربيين من جميع الجنسيات
يصر ذلك الولد الاشقر الذي حسبته في بادئ الامر اشيب الشعر ان يرقص على عزف القانون...فتنهره امه بلغة لا اعرفها ولكني اعرف من لون شعرهم الاشقر الاقرب الى البياض...وبشرتهم شبه الشفافة وعيونهم التي بلون السماء ولون خضرة الاشجار ...انهم من احد تلك الدول الاسكندنافية الباردة وانهم اتوا الى هنا بحثا عن الدفء الذي يتسرب الى الروح مثلي


تزداد سحب الدخان مع زيادة اعداد المدخنين ولكن لا احد يبالي ولا احد يعترض...فقد وقعنا جميعا تحت سحر ذلك المقهى وذلك القانونجي وتلك الروايات التي يضعونها على الطاولات على سبيل الفخ للزبائن...ولكني كجميع من في المقهى ارحب بذلك الفخ...ارحب بذلك الجو...ارحب بالسحلب وبرائحة معسل التفاح...ارحب بالنظرة البلهاء على وجوه السائحين وهم يستمعون الى اغاني ام كلثوم...ارحب بالاثار التي تتركها سهرة كتلك السهرة على ارواحنا...ارحب بالسعادة التي تتسلل ببطئ و خبث الى قلوبنا...ارحب باعادة اكتشاف الاشياء البسيطة في حياتنا

8 comments:

Anonymous said...

Sorry. Look please here

الفارس الملثم said...

اسلوبك في الكتابة يحمل جمال خاص وقدرة مميزة علي تجسيد المشهد المكاني لعين القارئ

تقبلي مروري الاول

Anonymous said...

Warning!

إبـراهيم ... said...

جميييـــلة وبسيطـــة وشفافة قووي يا بسمـــة ، كشأن الكثير مما تكتبين :)

.
.
وحشتني مدونتك قوووي ، و فرحان إنها وحشتني على فكـرة
.......
حلو العودة بحنين، ومبروك النيو لوك


تحيااااتي

kafrawy said...

اسلوبك جميل ورائع لدرجة انى تخيلت المكان بروادة و شيشتة و دفئة و برودتة
بس اللى مش قادر اتخيلة
انى لسة مارحتش هناك لحد دلوقتى

تحياتى يا افندم

Anonymous said...

See HERE

zordeak said...

جو رائع جدااااااااااا

شديتينى اوى انى اروح ازورها

اول زيارةان شاء الله هتبقى ليها

:)

Anonymous said...

مقهى نجيب محفوظ المقهى المفضل عندى اذا زرت القاهرة

حميمية رائعة

و موسيقى شرقيه جميله

و مكان فخم راقي

و روح نجيب محفوظ